ﻳﻀﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻨﺎ ﺷﺮﺣﺎً
ﻭﺗﻮﺿﻴﺤﺎً ﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺑﻲ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ
ﺁﺭﺍﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻭﻣﻀﺎﺩﺍﺗﻬﺎ،
ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﻭﺫﻟﻚ
ﻟﺴﺒﺒﻴﻦ: ﺃﻭﻻً: ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻨﻀﺞ
ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﺇﺫ ﺃﻟﻔﻪ ﻓﻲ
ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻪ ﻭﺃﻭﺩﻋﻪ ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﻰ
ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﺍﺕ ﻭﺗﺄﻣﻼﺕ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ.
ﻭﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺃﻧﻪ ﺷﺎﻣﻞ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ
ﻧﻮﺍﺣﻲ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ.
ﻭﻧﻈﺮﺍً ﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ
ﻧﺪﺭﺳﻬﺎ ﻭﻧﺪﺭﺟﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ
ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﺍﻷﺧﻼﻕ،
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ. ﺍﻟﻠﻪ: ﻳﻌﺮﻓﻪ
ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ
ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﺍﺕ، ﻛﻤﺎ
ﻋﺮﻓﻪ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ. ﻭﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺬﻛﺮ
ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩﻩ، ﺑﻞ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺑﺈﺳﻬﺎﺏ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎً
ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺇﻳﺎﻩ.
ﺍﻟﻌﻠﻢ: ﻳﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﻴﺾ
ﺍﻷﻓﻠﻮﻃﻴﻨﻴﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﻭﺟﻮﺩ
ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻻﺯﻡ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻳﺘﻢ ﺑﺎﻟﻔﻴﺾ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺃﻳﺔ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺁﻟﺔ ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻬﺎ
ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻻ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ
ﻭﺟﻬﻪ ﻋﺎﺋﻖ ﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ.
ﺍﻟﻨﻔﺲ: ﻟﻢ ﻳﻌﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ
ﻫﺬﺍ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﻻ ﺑﺈﺛﺒﺎﺕ
ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ
ﻗﻮﺍﻫﺎ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺃﺭﺳﻄﻮ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻱ ﺍﻟﻐﺎﺫﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﺳﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻨﺰﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﻃﻘﺔ.
ﺍﻷﺧﻼﻕ: ﻳﻌﺮﺝ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﻼﻕ
ﻭﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻃﻮﻳﻼً ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺩ
ﻣﺒﺎﺩﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﻭﺧﻴﺮ ﻭﺷﺮ
ﻭﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﺭﺫﻳﻠﺔ ﺑﺎﻗﺘﻀﺎﺏ ﺷﺪﻳﺪ. ﻭﻫﻮ
ﻳﻤﻴﺰ ﺗﻤﻴﻴﺰﺍً ﺩﻗﻴﻘﺎً ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ، ﻓﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﻫﻲ ﻧﺰﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ
ﻧﺪﺭﻛﻪ ﻋﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻞ، ﺃﻣﺎ
ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻓﻬﻮ ﻧﺰﻭﻉ ﻋﻤﺎ ﻧﺪﺭﻛﻪ ﻋﻦ
ﺭﻭﻳﺔ ﻭﻧﻄﻖ.
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ: ﺧﺼﺺ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ
ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﻭﻫﻮ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ
ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ.
ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﺮ
ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻤﻔﺮﺩﻩ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺄﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﻠﺒﺲ ﻭﺍﻟﻤﺄﻭﻯ ﻭﺍﻷﻣﻦ...
ﺍﻟﺦ، ﻓﻴﻀﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺟﻤﺎﻋﺔ
ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺟﻠﺪﺗﻪ ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻨﺸﺄ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ
ﻋﺪﻳﺪﻳﻦ.
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﺣﺎﻭﻝ ﺭﺳﻢ
ﺻﻮﺭﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ، ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻔﻴﺾ
ﻋﻦ ﺇﻟﻪ ﻣﺘﺴﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻪ ﻳﺘﻜﻮﻥ
ﻣﻦ ﻗﺴﻤﻴﻦ: ﺳﻤﺎﻭﻱ ﻭﺃﺭﺿﻲ، ﺍﻟﻘﺴﻢ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺗﺴﻌﺔ ﺃﻓﻼﻙ
ﻭﻋﺸﺮﺓ ﻋﻘﻮﻝ ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﺩﻋﺎﻫﺎ
ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻲ، ﻭﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ -ﻋﺪﺍ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺄﺗﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻠﻪ- ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻓﻠﻚ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻘﺮﺍً ﻟﻪ. ﻭﺩﻋﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻷﺧﻴﺮ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ،
ﻭﺧﺼﻪ ﺑﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﻧﻘﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﺭﺿﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻬﻮ
ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﻫﻲ
ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺘﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﻣﺎﺩﺓ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻭﺻﻮﺭ
ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ
ﻭﺗﻔﺴﺪ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻫﻲ
ﺍﻻﺳﻄﻘﺴﺎﺕ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ
ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ.
ﻭﻓﻲ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺘﻴﻦ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻳﻌﻜﺲ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ
ﺃﺭﺳﻄﻮ. ﻭﺗﺒﻨﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻠﻮﻃﻴﻦ
ﺍﻟﻔﻴﻀﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻦ
ﺍﻟﻠﻪ. ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺘﻔﻲ ﺃﺛﺮ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻓﻲ
ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻗﻮﺍﻫﺎ ﻭﺍﻟﺠﺴﻢ
ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﻪ. ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺂﺭﺍﺀ ﻃﺮﻳﻔﺔ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﻓﻴﺠﻌﻞ
ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭﺍً ﻣﻌﺮﻓﻴﺎً ﺗﻤﺜﻴﻠﻴﺎً ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ
ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺎﺕ
ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ. ﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻳﻘﺪﻡ
ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍً ﻗﻴﻤﺎً ﻟﻸﺣﻼﻡ ﻭﺍﻟﻨﺒﻮﺓ.
ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻳﺒﺪﻭ ﻓﻲ ﺍﺗﺼﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ ﻭﺗﻠﻘﻲ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻨﻪ، ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻐﺖ ﺷﺄﻭﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ
ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻻ ﻧﻔﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ.
ﺃﻣﺎ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﺎﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ ﻗﺪﺭﺓ
ﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻯ
ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﺰﻧﺘﻬﺎ
ﻓﻬﻮ ﺳﺮ ﺍﻷﺣﻼﻡ، ﻭﺑﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ
ﻣﺘﻘﺪﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ،
ﺃﻱ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍً ﻋﻠﻤﻴﺎً.
ﺇﻥ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺬﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺬﻭ ﺃﺭﺳﻄﻮ
ﻋﺮﺿﺘﻪ ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺿﺖ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻟﻠﻨﻘﺪ
ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪﻳﻤﺎً ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ
ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ.